كورونا والقطاع السياحي : خسائر فادحة وتفاؤل حذر.. هل تقوم حكومة كيبك بمعجزة؟

  • article

حسين الهاشمي
صدى المشرق - مونتريال

لاشك ان القطاع السياحي هو اكثر واكبر واشد القطاعات التي تاثرت بتداعيات كورونا في جميع بلدان العالم ومنها بكل تاكيد كندا . فاغلاق المطارات ومنع التنقل بين البلدان و الذي يعني منع السواح من المجيء الى كندا قد وجه ضربة قاصمة غير قاضية للقطاع السياحي بجميع مفاصله، وبالاخص محلات بيع الهدايا التذكارية ( Souvenir )، الذي  تكبد خسائر فادحة جدا كونه يعتمد بالكامل على السواح القادمين من خارج كندا والذين يقدرون بالملايين ( 22.1 مليون سائح عام 2019)  وفي اسوء الاحوال للمواطنين القادمين من المقاطعات و المدن الكندية الاخرى والذين اما انهم امتنعوا عن السفر بسبب خوفهم من عدوى الوباء او اثناء اغلاق الحدود بين المقاطعات، كما حدث عام 2021 . وبالتالي فقد هذا القطاع زبائنه الوحيدين . فكيف واجه اصحاب هذه المهنة (ارهاب) كورونا وكيف صمدوا لموسمين رغم ايجارات محلاتهم العالية نسبيا، كونها في اماكن هامة وتاريخية مزدحمة اضافة الى تامين معيشة عوائلهم ونفقاتهم الخاصة .

صدى المشرق قامت بجولة في مونتريال القديمة (  Old Montreal ) واجرت لقاءات مع بعض اصحاب المحلات تستطلع ارائهم وتستمع الى همومهم وتنقل شكواهم وتنشر طلباتهم التي يتوجهون بها الى المسؤولين .

علاء الجبوري صاحب محل في ( Old Montreal )  سالناه عن تاثير جائحة كورونا على اعمالهم فاجاب " انها كارثة حلّت علينا كون زبائننا هم نوع واحد فقط الا وهم السياح حيث تشكل نسبة السواح من خارج كندا حوالي 85% من الزبائن . وباغلاق الحدود و المطارات فقدنا هذه النسبة الاكبر وبقي 15% هم من المقاطعات الاخرى او بعض الكيبكيين رغم ان الكيبكي لا يشتري هدايا تذكارية الا اذا كان يتهيأ للسفر . وبمنع السفر بين الدول فان هذه النسبة القليلة جدا اختفت من السوق . نعم العام الماضي كان افضل وخصوصا في عطلة نهاية الاسبوع ولكن هذا العام ونتيجة الاقفال العام او ( lock down )اصبح الوضع صعبا جدا وجداÈ .

سالناه عن المصاريف والتكاليف و المساعدات الحكومية فاجاب قائلا : الوضع يختلف بشكل كبير جدا بين من يملك محلا وبين من هو موظف فانا صاحب هذا المحل وعليّ تكاليف باهظة من ايجار المحل وتكاليفه، وكذلك مصاريف البيت وبقية الفواتير. فمن اين اسدد كل هذه التكاليف والسائح مفقود و الشوارع خالية ؟ لقد كانت سنتَي 2020 و 2021 عصيبتين جدا فالحكومة الفدرالية دفعت 60 الف دولار علينا ارجاع 40 الف قبل نهاية ديسمبر من العام 2022. والا فعلينا تسديد الفائدة عليها لو تاخرنا . وكذلك البلدية اعطتنا قرضا وعلينا ارجاعه بموعده المحدد . فمن اين نسدد وزبائننا صنف واحد فقط وهو السائح ولا غيره؟ .

واشار الجبوري الى انه " كانت هناك خطوة جيدة من الحكومة الفدرالية بمنح قرض ال 60 الف دولار وهي منحتها لكل صاحب محل . بمعنى ان المطعم والسوبرماركت والبقالة وغيرهم قد استلموا هذه المبالغ ولكن هؤلاء لديهم زبائن متعددين فالمطعم مثلا لديه زبائن او طلبيات ومحل البقالة لديه زبائن كثر. وبالتالي ياتيهم مورد لا باس به. ولكن ماذ عنا نحن ؟ نحن لدينا زبون واحد فقط هو السائح وهذا ممنوع من دخول البلد ونحن موسمنا الاكبر هو الصيف وشهرين بالتحديد. وخلال هاتين السنتين لا يوجد سياح فمن اين نحصل على موارد نسدد بها ديون الحكومة الفدرالية و البلدية ؟ لقد خسرت ما يقارب 95% من المبيعات عام 2020 عما كان عليه عام 2019 وهذه نسبة كبيرة جدا جدا. وهذا هو الفرق بين ان تكون مالكا لمحل او موظفا تعمل فيه حيث لا تكاليف عليك وانما تستلم راتبك نهاية الشهر. كما ان الحكومة الفدرالية ساعدتهم براتب شهري. واما اصحاب المهن الاخرى فهم لديهم زبائن متعددون .وبالتالي لديهم مورد ولو قليل. ولكن نحن ليس لدينا اي مورد وكما ترى فالشوارع مهجورة و البضاعة مكدسة وهذا الموسوم الثاني يكاد يقترب من النهاية و الوضع كما ترى سيء جدا".

وعما اذا قدمت حكومة ليغو (كيبك ) مساعدات اسوة ببقية حكومات المقاطعات فاجاب انها غائبة تماما و لم تقدم اي مساعدة فيما حكومة اونتاريو قدمت مساعدة بحدود 20 الف دولار اضافة الى مساعدات الحكومة الفدرالية وكذلك حكومات مقاطعات اخرى . وبكل اسف اقول بان حكومة كيبك تجاهلتنا تماما رغم ان عملنا يجلب للحكومة ميزانية ضخمة ولكنها تخلت عنا ، لا بل انها تصر على دفع الضرائب في وقتها دون تاخير من دون اي مراعاة لاوضاعنا" .

وعن كيفية دفع الايجار وثمن البضائع المشتراة حيث ان المحلات كانت تتهيأ لاستقبال الموسوم السياحي فاجاب بالقول : " الحكومة الفدرالية تحملت 65% من الايجار وتحملنا 35% وقد يستمر هذا الى سبتمبر. واعود لاكرر من اين ادفع 35% للايجار وانا لا يدخل محلي شخص واحد ؟ وماذا عن مصاريف البيت وايجاره وبقية الفواتير ؟ كيف اسدد ومن اين ؟ واما بالنسبة للشركات التي نتعامل معها فانه اغلبها رفض اعادة البضاعة او الغاء الطلبيات وبقيت كديون وهم يضغطون علينا الان لتسديد الفواتير وهذا حقهم " .

اخيرا سالناه ان كان متفائلا بالموسم الحالي فقال " لا انا غير متفائل ابدا. لان الموسوم الحقيقي هو بين الشهرين السادس و الثامن والان نحن على ابواب نهاية الشهر السابع ولا زالت الحدود مغلقة. فهل سيكون العدد هائلا عند فتح الحدود مع اميركا في الاسبوع الاول من الشهر القادم ؟ اتمنى ذلك". وتساءل الجبوري" من لا يتمنى ان تعود هذه الشوارع مملؤة بالسياح وتعود الحياة ثانية كما كانت؟" .

وعما يطلبه من الحكومة الفدرالية فاجاب اتمنى منها ان تطفيء الديون التي على هذا القطاع السياحي بالذات اي محلات )  Souvenir) كوننا المتضرر الاكبر. لانني اعود واكرر بان زبوننا هو واحد فقط وهو السائح وبهذه الجائحة فقدنا هذا الزبون وبقينا نحن والبضاعة حائرون كيف نسدد الديون و القروض و الفواتير ؟

تركنا السيد الجبوري بعد ان تمنينا له عودة السياح والتقينا بالسيد علي وهو مدير محل  وسالناه عن انطباعاته فاكد ما سمعناه من السيد الجبوري من ان 85% من الزبائن هم من خارج كندا وبقية ال 15% هم من المقاطعات الكندية الاخرى واغلبهم من اونتاريو لذا فالحل الوحيد هو فتح الحدود وهذا ما نتمناه من الحكومة رغم تقديرنا بان الحالة الصحية هي مهمة جدا في تحديد السياسات .

وعن المقارنة بين عامي 2020 و 2021 اجاب بان عام 2020 كان افضل بقليل من 2021 لان في هذا العام وبمجرد اعلان (  Lock down) فان الوضع اصبح صعبا جدا لانه حتى السفر بين المقاطعات اصبح ممنوعا الا لسبب معقول وبذلك فقدنا الزبائن بشكل تام بينما عام 2020 كان البعض يسافر خلال عطلة نهاية الاسبوع اما مع الاغلاق فالامر اصبح مستحيلا.

سالناه عن رايه بمساعدات الحكومة الفدرالية فاجاب قائلا بان اجراءتها " كانت سليمة ومقبولة فهي دفعت 65% من الايجار كمنحة وليس قرضا. كما انها دفعت الفي دولار كراتب للموظف الذي فقد عمله بسبب الوباء او صاحب العمل الذي انخفض دخله نتيجة الاجراءات الصحية. ولكن المؤسف ان حكومة كيبك لم تقدم شيئا وكأن الامر لا يعنيها فيما حكومات مقاطعات اخرى قدمت 20 الف دولار للمشاريع الصغيرة كمنحة. بالاضافة لما قدمته الحكومة الفدرالية". وعن تفاؤله بالمستقبل أكد ان "التفاؤل موجود دائما وبفتح الحدود ستعود الامور الى طبيعتها ولو بشكل تدريجي وهذا ما نتمناه". واضاف " اعتقد ان الحكومة الفدرالية قد ادارت الازمة  بشكل جيد" متمنيا " ان تطفيء الديون خصوصا على محلات تعتمد في عملها على زبون واحد فقط وهو السائح لاننا بوجود السواح لا نحتاج الى قروض ولا الى مساعدات وبالتالي فان استثناء محلات (Souvenir ) من تسديد الديون سيكون بكل تاكيد خطوة شجاعة ومساعدة ومشجعة لهذه المحلات" .

شكرنا السيد علي على اجابته وتركناه في المحل الذي لم يدخله زبون واحد خلال لقائنا به .

من هناك ومن مونتريال القديمة نتوجه للحكومة الفدرالية بالذات ( لان حكومة ليغو غائبة او متغيبة عن المشهد) بمراعاة اصحاب هذه المحلات بالذات والتي تعتبر واجهة كندا امام السياح ليس في مونتريال فقط بل في كل كندا كونهم يعتمدون على زبون واحد لاغير. وبغيابه بسبب هذه الجائحة فانهم تحملوا خسائر فادحة، بينما القطاعات الاخرى لديهم زبائن متنوعون . وبالتالي هناك مقدار من الدخل يؤمن بعض مصاريفهم . فهل ستفعلها حكومة ترودو ام تحدث معجزة وتقوم حكومة كيبك بتقديم منحة للذين يجعلون السائح يغادر وهو يحمل هدية تشير دوما الى البلد الجميل كندا ومقاطعة كيبك ومدينة مونتريال بالذات؟ .