حفل تكريم لخريجين جامعيين في المجمع الاسلامي: علينا أن نضع إنجازاتنا الأكاديمية والعلمية في خدمة الإنسانية

  • article

صدى المشرق ـ مونتريال

اقام المجمع الاسلامي في مونتريال حفل تكريم الخريجين الجامعيين لعام 2022 بحضور حشد من الخريجين واهلهم والجالية وذلك عند الساعة التاسعة من مساء السبت في العشرين من شهر كانون الثاني في قاعة المجمع .

استهل الحفل الذي تزامن مع ذكرى ولادة السيدة الزهراء (ع) والامام محمد بن علي الباقر (ع) بآيات من القران الكريم للمقرىء الحاج حسان قصير.


الشيخ السبيتي

ثم كانت الكلمة لسماحة الشيخ على السبيتي الذي استهل كلمته بالتهنئة بولادة السيدة الزهراء والامامين الباقر والهادي عليهما السلام وقال " يسعدني ان اكون بينكم دائما ، سيما في هذه الذكرى العطرة الطيبة التي نحاول معها وفيها ان نربط مستقبلنا بحاضرنا وحاضرنا بتاريخنا .. فمستقبلنا يكون من خلال ما نملك من قدرات علمية في هذه البلاد وحاضرنا يقول لنا لا يمكن ان يكون لنا مستقبل دون ان نحفظ هويتنا.. وهويتنا متجذرة في تاريخ، نفتخر به جميعا. وهو تاريخ زاخر بشخصيات ربانية علمية اعطت كل ما عندها للبشرية جمعاء" . واشار سماحته الى ان " الزهراء عليها السلام بالرغم من صغر سنها وقصر عمرها الشريف لم تكن تلك المرأة الني نتهم باننا نعزلها عن المجتمع والواقع لتكون مربية في البيت فقط ، انما ننطلق بالمرأة في تاسيس اسرة هي مدماك المجتمع.. لكننا لا نمنعها ان تعيش هم ومسؤولية الأمة ". وقال " يكفي ان نعلم ان السيدة الزهراء (ع) دوّنت كتابا كتبت فيه ما سمعته عن رسول الله حتى سمّي بمصحف فاطمة وكان ائمتنا عليهم السلام يتناقلون هذا الكتاب اماما بعد امام .. هذا عطاء امراة يفخر بها الاسلام ونفخر بها نحن اتباع محمد وال محمد". واشار السبيتي الى انه "عندما نريد ان نستلهم امامنا الباقر يكفينا الاسم.. فلماذا لقب بالباقر (ع)؟ لانه كان يدخل الى باطن العلم ليبقره بقراً ، يعني لا يكتفي بظاهره ولاعنوانه .. بل يعرفون اسرار الاشياء" . وعقب بالقول " لذلك عندما اسس الجامعة المشهورة التي خرّجت آلاف العلماء المسلمين واكملها من بعده الامام الصادق عليه السلام لم تكن مدرسة تقتصر على الفقه والتفسير مع اهميتهما ، بل كان فيها الرياضي والفلكي والكيميائي وكل العلوم التي نقلتها اوروبا من خلال الترجمات وبنت على اساسها حضارة يتباهون فيها" .

واشار الى انه "فيما بعض المسلمين لا يعرفون هذا التاريخ نرى انه في بعض المعارض التي تقام في بعض الجامعات الاوروبية يشار الى ان هذه الحضارة المادية وتطورها مردها الى علوم في الكيمياء وقواعد في الرياضيات اسسها علماء مسلمون يدينون في علمهم وثقافتهم الى جامعة الباقر والصادق (ع)". واكد سماحته ان عطاء الائمة هو للبشرية كافة لان علمهم لم يقتصر على المسلمين بل وصلت الى حضارات اخرى" . واعتبر السبيتي اننا " اليوم بحاجة الى جالية تستطيع ان تثبت حضورها من خلال ابنائها وبناتها الذي يقدمون من مواقعهم العلمية خدمات جمة لهذه البلاد" . ولفت الى انه " عندما يتحول العلم الى وسيلة من وسائل حل المشكلات العلمية والصحية والنفسية والاقتصادية لا يمكن لتلك المرأة التي كانت تسيء الى شابين في مونتريال وتدعوهما الى العودة من حيث اتوا ان تدعي هي ومن هم على شاكلتها اننا هنا للاستفادة من التقديمات الاجتماعية فقط .. وعندما نصبح نحن من يدرّس في الجامعات ويداوي الناس هنا ما عساهم يقولون لنا ؟ عندها سيتاكدون انه لولاكم لما كان هناك نهوض علمي واقتصادي واجتماعي من خلال تكاتف الاسر. وهذا من اقوى انواع الاسلحة التي اذا امتلكها الشعب لا يستطيع احد ان يهزمه" .

ودعا سماحته الى " ان نغير مفهوم العلم السائد في هذه الايام حيث يكون اختيار الاختصاص الجامعي بناء على ما يوفره من مرتب عال فيكون التنافس بناء على الاختصاص الذي يؤمن وظيفة تدر مالا كثيرا، بينما الاسلام يريد ان يكون العلم وسيلة لكي نخدم الناس من خلاله، فنبحث من خلال الاختصاصات التي نختارها عما يخدم الناس ويخفف من اوجاعهم ويقضي حاجاتهم ويساهم في حل مشاكلهم والتخفيف من معاناتهم.. لكي نضع فكرنا وذكاءنا وعلمنا وما وهبنا الله من طاقة في خدمة البشرية". وشدد على ان "هذا هو الفارق بين المتعلم المتدين وبين المتعلم من اجل دنياه ومن اجل طموحات شخصية ليس لها علاقة بخدمة الناس . بل يستخدم العلم كوسيلة في مساعدة الآخرين، لانه لا يرى سعادته في ان يحقق طموحاته المادية فقط انما سعادته عندما يصبح علمه وسيلة لإسعاد الآخرين .. وهذا ما اراده اهل البيت (ع) منا من خلال ان يجعلوا من خدمة الناس ارقى انواع العبادة لله تبارك وتعالى . وهو ما اشار اليه الامام الخميني الراحل الذي كان يلفت الى انه لا ينبغي ان نمن على الناس اننا نخدمهم بل علينا ان نشكر الناس لانهم فتحوا باب خدمتهم لاننا بفضل خدمتهم نحصل على الاجر والثواب في هذه الدنيا، فيتحول الانسان الى وسيلة ربانية لتحقيق دعوات الناس وطلباتهم وآمالهم" .

وختم كلمته مخاطبا الخريجين والخريجات بالقول " نحن باستطاعتنا ان نفتخر بكم وبكنّ في الدنيا وفي الآخرة ايضا . في الدنيا من خلال انكم ستكونون مداميك مستقبل هذه الجالية وفي الاخرة من خلال افتخار الاهل بانهم لم يهاجروا الى هذه البلاد سدى بل من اجل هدف سامٍ هو طلب العلى. وهذا يتحقق من خلال حلم آبائكم وامهاتكم بان تتخرجوا بشهادات عليا ومتميزة . انتم كل فخرنا وكل عزنا ومستقبلنا المفعم بالأمل .. مستقبل العدل والسلام ونصرة المستضعفين والمحرومين".      

 

د. عباس حمود

ثم كانت الكلمة لمسؤول العلاقات في المجمع الاسلامي د. عباس حمود الذي خاطب المتخرجين بالقول " " كونوا كرماء، افيضو على جاليتكم بما اكتسبتموه من العلم والمعرفة. ابذلو في سبيل اصلاحها وتحسينها من وقتكم وطاقاتكم .لا تكلّو ولا تيأسو فجاليتكم أحوج اليكم".

واشار حمود في كلمته الى اننا " اليوم نواجه نحن كمسلمين أقسى انواع الهجمات بشتى السبل، منها الإجتماعية والثقافية والتربوية. هنا يكمن دوركم أنتم بواسطة علمكم طبعاً، الذي تحامون به عن اخوانكم واخواتكم لترشدوهم الى درب الصواب والهداية.  نحن نعوّل عليكم لاستمرار جاليتنا وصمودها امام تحديات هذا الزمن .ولا تنسو أن أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم لعباده".

وخاطب الاهالي بالقول " انتم يا أهلنا الكرام، هذه بذوركم اثمرت وهذه عطاءاتكم انتجت جيلاً يحذى به، إنهم شابات وشبان اختاروا درب العلماء والصديقين والانبياء، اختاروا أن يسهروا الليالي لنيل اسمى درجات المعرفة، فهنئوهم وشدّوا على أيديهم، فهم فخرنا ، فأتيحوا لهم الفرص وكونوا لهم سنداً ومددا. فمجتمعات اليوم تقاس بعقولها وقدرتها على الابتكار والتطور.. اجعلوهم ايقونتكم ليستمروا بما بدأتموه ويكملوا المسيرة، مسيرةً ملأتموها أنتم بعطائكم الجزيل اللاّمتناهي، وبقيمكم ومبادئكم الراسخة. ثقوا بهم، فبهم تتحقق انتصاراتنا، وبهم تنتشل الأمم من أتون الجهل والظلمات".

 

كلمة الخريجين

ثم كانت الكلمة للخريجين والخريجات القتها باسمهم الآنسة فاطمة الموسوي التي قالت "  "لم يكن الإسلام يوماً يريد القشور انما أُمرنا بطلب العلم من المهد إلى اللحد ولو في الصين، كما في الحديث، حين لم تكن أرض كندا مكتشفة قبيل استعمارها... "

واشارت الموسوي الى ان " البشرية اليوم رغم الظاهر من تقدمها العلمي، إلا أن هذا التقدّم لا يعدو أن يكون اتساعا أفقيا للعلوم، ولا تكاد البشرية تعرج عاموديًا قيد أنملة، بل قد يكون العكس.. إذ ما هي القيم التي رسختها؟  الإستعمار؟التحول الجنسي؟ هيروشيما ونكازاكي؟الإحتباس الحراري وثقب الأوزون؟". وقالت نعم قد يكون هذا التطور قد رفع من متوسط أعمارنا، قد يكون شيد ناطحات سحابنا، قد يكون سهّل وسائل اتصلاتنا.. لكن أين القيّم عن هذا كله؟، لتضيف " حين نتحدث عن القيم فنحن نتحدث، على سبيل المثال، عن قيمة رفع الظلم، عن قيمة التواد والتراحم بين البشر، عن قيمة الاخلاق عن قيمة نشر العلم، عن قيمة العبودية لله... هذه القيم الإنسانية هي المقصودة وهي المرادة.. لا القيم المادية، الرأسمالية او التكنولوجية". وسالت الموسوي " ما نفع التطور العلمي إن كان يجعل دولة ما تملك رؤوسا نووية مهددة للبشر وما نفع التطورالعلمي إن كان يدمر الانسان نفسيًا؟...، مشيرة الى ان " المنظور القيمي هو الذي يجب أن يكون المعيار، وأن يكون النظر في باطن الأشياء وعمقها لا ظاهرها، وهي دعوة محمد بن عبد الله (ص) حين قال "انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"... فالعلم ليس مجرد مراكمة عشوائية للاكتشافات والانجازات والاختراعات، بعيدًا عن القيّم الإنسانية السامية، بل علينا العودة إلى الأخلاق والقيّم لتقييم ما ينتج من علوم على أساسها. فعلى العلم أن يكون مقرونًا بالأخلاق والقيّم".

وسالت " هل العلم هو فقط ما تنتجه العلوم التجريبية؟ هل هذا العلم التجريبي يرفع من قيمنا أم يحتاج إلى قيّم ترفعه؟ ما الذي قدمه للبشرية؟ وكيف يكون خادمًا لمصلحة البشرية، وليست البشرية مستعبَدةً عنده؟ وهل غاية العلم – فقط – أن نحسّن من حياتنا في هذه ال 70 سنة السريعة الانقضاء، ثم نموت وينتهي كلَ شيء؟ هل هذه هي الغاية من حياة مخلوق مختار؟ من مخلوق كرّمه الله على سائر مخلوقاته؟ هل هذا ما أراده الله حين أوحى إلى نبيه أولى كلماته "اقرأ"؟

وتابعت باللغة الفرنسية " لقد رأينا جميعًا عواقب بث المحتوى الإعلامي الذي يتعارض مع القيم الإنسانية ، ويزرع الكراهية ، بما في ذلك الإسلاموفوبيا ، خلال الهجوم الإرهابي على المسجد الكبير في كيبيك في كانون الثاني (يناير) من العام 2017. وقد ارتكب هذا العمل الإرهابي المعادي للإسلام شخص متأثر برهاب الإسلام من المحتوى الذي تنشره بعض وسائل الإعلام التي تحمل إيديولوجيات تزرع الجهل وكراهية الأجانب ضد المسلمين". واكدت انه " في مواجهة هذا الامر، فإن الوعي الإسلامي بتقديم الصورة الحقيقية للإسلام أمر ضروري. يمكن لكل منا ، بطريقته الخاصة ، زيادة الوعي باستخدام خلفيتنا العلمية".

واشارت الى ان " قيمة ما اكتسبه المرء كمعرفة مرتبطة بالقيم التي تخدمها هذه المعرفة ؛ هل هو لخير البشرية أم لشرها؟ هذه هي الطريقة التي يجب أن نضع بها إنجازاتنا الأكاديمية والعلمية في خدمة الإنسانية وهذا من خلال ترسيخ القيم التي تسمح بالتقدم الحقيقي للبشرية".

في الختام كانت فقرة تواشيح مع المنشد محمد نزار البصري اعقبها تناول الحلوى واخذ الصور التذكارية للمتخرجين مع عائلاتهم .

 صدى المشرق تبارك للخريجين والخريجات وتتمنى لهم المزيد من النجاح والدرجات العليا وحسن خدمة الجالية والمجتمع وكندا.

*الصور من احمد فرحات

معرض الصور