امسية شعرية لرابطة المبدعين في العالم : قصائد تأخذك إلى فضاءات فيها فلسفة المتأمل وشجن الإنسان

  • article

صدى المشرق ـ مونتريال

نظمت رابطة المبدعين في العالم امسية شعرية شارك فيها الشاعر اليمني عبد الإله الاهدل والفنانة شمس الحبيب والاعلامية والشاعرة غادة الارناؤوط وذلك عند الساعة السابعة من مساء السبت في الرابع عشر من شهر كانون الثاني في قاعة نهاد حديد في مونتريال بحضور حشد من اهل الشعر والادب والاعلام والمهتمين .

الحفل قدم له الاعلامي القدير ڤيكتور دياب مرحبا بالحضور وقال " ارتفاع الوعي يزيد الآلام وأغلب المصابين بالاكتئاب النفسي من المثقفين. ولكن بالرغم من ذلك سوف نبقى نتابع الثقافة واي كلمة عربية ناصعة بيضاء لنتابع بنفس الاتجاه" .. وقال دياب" إنّ النار المنبعثة من المعاناة، تصبح هي النور الذي يضيء الوعي...وكم نحن بحاجة الى الوعي بمجتمعاتنا بقلوبنا وبحياتنا، ومن دون وعي لا يمكن لاي شيء ان يضيء".  ولفت الى انّ " الثقافة تعني تحول الكائن من مجرد الوجود الطبيعي إلى الوعي بهذا الوجود.. واليوم اذا اراد الانسان ان يفتش عن المصائب فسوف يجدها كبيرة جدا واذا اراد ان يفتش عن الفسحة التي فيها رضى وحب وحياة طبيعية من دون مرض ومن دون الم يجد ان الحياة تستاهل ان يركز على الشيء الذي ينقله للغد ولا يبقيه في اليوم الذي يعيش فيه"..واعتبر دياب " إنّ الاختلاف هو الأصل في يقظة الوعي وتجدد الفكر وتطور الحياة".

وكانت مداخلات منها للاعلامية كوليت ضرغام ولصاحب قاعة نهاد حديد الاستاذ وليد حديد تحدث فيها عن مشروع القاعة وضرورة تطويرها متناولا الاصلاحات التي اجريت مؤخرا على القاعة لتتسع للمزيد من الحضور،  اضافة الى القاعة في الطابق الارضي التي تتسع لـ250 شخص. وقال حديد " القاعتان في خدمة الجالية العربية.. ونحن نحاول ان نفسح المجال لنطون في خدمة واستضافة حفلات واعراس ولقاءات رجال اعمال واي نوع من الانشطة الجاليوية".  

ثم كان فقرة مصوّرة للتعريف برابطة المبدعين في العالم ونشاطاتها واعضائها اعقبها كلمة باسم الرابطة للشاعرة غادة الارناؤوط التي بعد ترحيبها بالحاضرين قالت "في رحاب رابطة المبدعين في العالم ، هذه الرابطة التي اعتادت أن تجمع القامات الإبداعية  من مختلف الدول العربية وغير العربية  وشعارها دائمًا المحبة والسلام .

إسمحوا لي أن أفتتح كلمتي ببضع سطور من قصيدة  شاعر الأرض محمود درويش :

على هذه الأرض ما يستحقُّ الحياة ، تردّد إبريل ، رائحة الخبز في الفجر ،

تعويذة امرأةٍ للرّجال ، كتابات أسخيليوس ، أول الحب ، عشب على حجر ، أمهات يقفن على خيط ناي وخوف الغزاة من الذكريات ، على هذه الأرض ما يستحق الحياة .

لذا تحية إلى كل امرأة تحدّت القهر وأحبّت الحياة ، لأن على هذه الأرض ينبت الحب قصيدة ، ويزهر الحلم حقيقة .

عرفت بعد تجارب وانكسارات عديدة أن الحياة ترفض الإنسان الضعيف وأن كل صفعة مدرسة . لذا تعلمت  " الحياكة " كي أقطب عين الوجع المسافر إلى السماء " وأن أرقصَ فوق الجرح رقصة المساء وأن أملأ الفضاء إبداعًا !

آمنت أن وحدها السنبلة الممتلئة تبقى منحنية الرأس ووحدها الشجرة المثمرة ترشق بحجر .

وآمنت بالحلم وبالفكرة فكانت ولادة رابطة المبدعين في العالم أواخر عام ٢٠١٩ ، مع مجموعة من قامات إبداعية ( شعراء ، فنانين ومبتكرين  ، رسامين وأدباءومسرحيين ومخرجين وحرفيين الخ ) عرب وغير عرب .

إستطاعت رابطة المبدعين في العالم أن تحجز مكانها في الساحة الثقافية وفي وقت قصير وأن تثبت عن جدارة أنها تستطيع التحليق بعيدًا في فضاء الإبداع ، فكانت من أهم إنجازاتها وبعد شهرين فقط من تفعيلها تنظيم المهرجان الإبداعي الدولي الأول والذي شارك فيه 66 مبدعًا عرب وأجانب  من 19 دولة عربية وغير عربية ، وقد وصل صداه من كندا إلى العالم حيث تناقلته  وسائل الإعلام المتلفزة والمسموعة والمقروءة في لبنان والوطن العربي ودول أوروبية .

كما كان لرابطة المبدعين الشرف في إقامة المؤتمر الأول حول كتابات الأديب الكبير جبران خليل جبران والذي شارك فيه نخبة من الباحثين المشهود لهم بكفاءتهم الأدبية والنقدية والأكاديمية

كما كان للرابطة مسلسل حلقات رمضانية يوميا  مع حكاية وحزورة  .

وغيرها الكثير من النشاطات واللقاءات الفنية والأدبية والشعرية والإجتماعية . وما زال في جعبتنا الكثير الكثير من النشاطات المميزة والغنية بمواضيعها وأهدافها ".

ورحبت ارناؤوط بالشاعر الاهدل فقالت " إننا في حضرة شاعر مضيء .. إنه الشاعر المهندس (( عبد الإله الأهدل ))

لقد طوع هذا الشاعر (( الكلمة الشعرية الجميلة)) لتهمس بوحاً نستمع إليه ، ونغما نستمتع به، انطلق بالحرف جناحاً أخضر يسافر في بيادر ذاكرتنا.. وضفاف ذكرياتنا .

في شعره عذوبة وعذاب..! 

إن تهادّى شعره نشيداً أبهج

وإن أتى شعره نشيجًا أبكى

إن شعره يحرّضك على محبة هذا الشعر الجميل

وإن قصائدهتأخذكإلى فضاءات بهية وأخاذة، 

فيها فلسفة المتأمل.. وشجن الإنسان

فيها عبق الزنابق.. وفيها أحياناً رعْد البنادق..!

وفي رثائه صدق العاطفة 

وفي قصائده التأملية ضوء الإيمان، وضياء الذات المؤمنة

وقد تجلّت في المفردات  في قصيدته الأصدقاء ( النبؤات ، مواقيت ، المحاريب ، مزارًا ،  وأقاموا في المفازات هدًى )  وكأنك في محراب القصيدة تقيم الصلاة ابتهالات للعاشقين ،  وفي قصيدة طفل الخسارات تكررت أيضا لفظة نبوءات وهو يصف حال الوطن الجريح الذي احتضن ابناءه وحين سقط جريحًا لم يجد أحدا !!! 

قصيدة تعجّ بالصور الشعرية الجميلة والإنزياحات  اللغوية والمجازات والتي جيّشها جميعا في خدمة النص . 

كما كان لافتًا في القصيدتين حرف المد في الروي وهذا ان دلّ على شيء يدلّ على الحالة النفسية المتعبة للشاعر ، المحبطة وكيف لا وهو يتحدث عن وطنه اليمن الذي أصابه داء الحروب !!! وكيف لا وهو بعيد عن طفله المدلل ؟! 

فأتت الجمل مجهدة حزينة ترقي ألم الفقد والخسارات" .

وتناولت ضيفة اللقاء شمس الحبيب فقالت " إننا في حضرة الأصالة الفنية في حضرة فنانة نشأت وترعرت في بيت فني وكيف لا وهي ابنة الفنان المصري محمد رجب ، إن عزفت أرعشت القلوب وإن غنّت دخلت القلوب إنها شمس الحبيب ابنة بلد الحضارة والفن والعراقة المصرية ، تحملنا معها إلى عوالم من السحر والطرب .

كما لا أنسى إبن بلدي الأصيل ابن العائلة الفنية التي تركت بصمة  في الفن  أيام العصر الذهبي للأغنية اللبنانية ، أرحب بضيف شرف هذه الأمسية الفنان الراقي صاحب الصوت الدافىء والحضور الجميل إدي بندلي الذي يحمل معه عبق أرض لبنان ويعود بنا  إلى عطر الذكريات"  .



ومن ثم كانت الكلمة للشاعر عبد الإله الاهدل الذي القى قصيدتين الاولى تحت عنوان "الاصدقاء" قال فيها :

كالمدى امتدوا

جَلالاً ووَقَارا

وأَهلَّوا كالمحاريبِ اخضرارا

يا اختصارَ الحُب في أحداقِهِم

كلما أَخفَوهُ

زادُوهُ انتشارا

هكذا أَحضَرَهم برقٌ على ظهرِه،

فاندَلَعوا فيهِ احمرارا

هكذا انسَل وا من الغيمِ

لكي يُورِقُوا فِيَّ

مَجازا واستعارا

دخلوا بابَ النبوءاتِ

ومن حينها

والحَدسُ يشتد انهمارا

هم مَوَاقيتُ الحُروفِ

ابتكروا فِكرةَ الأسماء ..

خاضوها انفجارا

وهمُ الماضي

همُ الآتي

وهم كل ما يَخفَى

وما لا يتَوَارى

ملؤوا كلَّ الزوايا

ومضة  .. ومضة ..

واخترعوا منها النهارا

وأقاموا في المفازاتِ هُدى

ليُضِيئوا – أبدا – دربَ الحَيارى

أيَّما قُلتُ

انتهى القَولُ بهم

أو تَكهَّنتُ .. أحالوا البَردَ نارا

يَسمَعُ الرعدُ خُطى أشواقِهِم

ويذوبون

مدارا فمدارا

مطمئنونَ إلى الريحِ

فمُذ أوقدتهم نجمة صاروا مَزَارا

 

القصيدة الثانية للاهدل كانت تحت عنوان " طفلُ الخسارات " وجاء فيها

كم كانَ في البدءِ

قلبا ضاحكا ويدا

وكان كلَّ الرؤى مذ كان منفردا

كم كانَ

يهربُ من حدسٍ يوزِّعه على الجهاتِ

نبوءاتٍ ومُلتَحَدا

وكان يفترشُ المعنى

كعادتهِ

وينفخُ الريحَ كي لا تختفي أبدا

وكان يهطِلُ في كل الشوارعِ شلَّال

ليغرفَ منه الظامئون مدى

وكان يبحثُ عن برقٍ يُؤوِلُه

وعن فصولِ انهياراتٍ

ليتَّحِدا

ويَّلأُ الحرفَ حتى ينتهي

قمارا .. قصيدة..

ثم يطفو فوقهُ ب رَدا

قد كانَ آخرَ بيتٍ

في القصيدةِ لم يُكتب بدمعِ السماواتِ

التي فقَدا!

* * *

لَكَم تخلَّفَ عن حفلِ السقوط

لأنَّه

تعوَّدَ ألَّا يَخذِلَ الوتدا!

وكم تبنَّى جروحَ العالقين بهِ

وحين حطَّ جريحا ..

لم يجد أحدا!

تجسدَّ الأرقُ العرَّافُ فيه

فلم يُمسك يدَ النوم

إلا أفلتَ الجسدا

كأنَّه وهو يَختص الهلالَ بما بهِ من الصبر

لم يستكملِ العددا

كأنه وهو يُعطي الشمسَ حِصَّتَه من التوهجِ

موجٌ حرَّرَ الزبدا

لا تختبَره إذا ما جاءَ تُثقِلُه رجلاه ..

قد كان فيما لا يُرى مَددا

كم كان محتقنا بالسرِّ

تختنقُ الدنيا

إذا جاء ها بالبوحِ محتشِدا

وكان أبهى حضورا في الغياب

كما تقولُ عنه الحكايا ..

ظلَّ مبتعدا

يراقبُ الموعدَ المذعور

مكتملا به

فتحرمُهُ الأيامُ ما وُعِدا

ويطفئُ الحبَّ بالحمَّى

ويحبسُه مَسّ الذهولِ

الذي ما زال مُتَّقِدا

همى كمطلَعِ لحنٍ

ضلَّ أغنية

وصارَ يكبرُ فيها كلَّما صعدا

كفكرتينِ

برأسِ الليل عُلّقتا

تشُد إحداهما الأخرى لتَطَّردا

كنصفِ موتٍ نقيّ

لا يُرادُ بهِ إلا الحياة ..

لذا في روحهِ انعقدا

كم كان طفالا بريئاً ..

حينما اشتعلت فيهِ الخسارات

سمَّى نفسَهُ البلدا!

 

وتخلل الحفل فقرات فنية .

معرض الصور