مجموعة RITM وماري تريز سلهب يعيدان الحياة لمسرحية “ناس من ورق” الرحبانية على مسرح Marcellin- Champagnat الكندي

  • article

كريمة هي المخرجة ماري تريز سلهب وغنّاء هو مسرح الرحابنة، وما بين الكرم والغنى مسرحية من بستان وارف الاغصان عنوانها يصادق على واقعنا الملموس هو الحكاية وبناس هم وبالفعل بداية البداية.

“ناس من ورق” للاخوين رحباني، المسرحية التي عرضت على مسرح البيكاديللي في العام 1972 اختارتها سلهب لتطل من خلالها على جمهور لطالما طال انتظاره لمسرح لبناني هادف، مثمر، بنّاء، أبطاله مجموعة RITM وهي مجموعة مؤلفة من المواهب الشابة في كندا ، والذي حرصت معه ان تعيد امجاد ماضينا المسرحي الرنّان من جهة وتعريف الجيل الصاعد على موروثاتنا الفنية العالمية من جهة ثانية، فكان مسرح Marcellin- Champagnat في لافال الشاهد الحي على هذه الاطلالة المميزة التي رسّخت الحنين في قلوب الحاضرين من اللبنانيين خصوصاً والعرب عموماً كون الرحابنة بفنّهم وابداعاتهم عابري العصور والاوقات وحتى كل الازمنة.

حضر المسرحية التي عرضت لليلتين متتاليتين ورعتها كاتدرائية المخلص للروم الملكيين الكاثوليك، النائب الليبرالي انجلو لاكونو وزوجته، قنصل لبنان العام طوني عيد وزوجته، راعي ابرشية كندا للروم الملكيين الكاثوليك سيادة المطران ميلاد الجاويش، راعي ابرشية كندا للسريان الكاثوليك سيادة المطران بولس انطوان ناصيف، رئيس حزب Ensemle Montreal عضو بلدية سان لوران عارف سالم، عضو بلدية لافال الين ديب، عضو بلدية مون رويال انطوان طيار، الارشمندريت ربيع ابو زغيب، آباء اجلّاء ، اعلاميون ، وفد من الجمعية العراقية وحشد من ابناء الجالية اللبنانية والعربية من محبي مسرح الرحابنة والسيدة فيروز.

بداية النشيدين الكندي واللبناني ثم كلمة المطران الجاويش تحدث فيها عن اهمية مثل هذه الاعمال في المغتربات شاكراً لكاتدرائية المخلص دعمها لهذا النشاط الرائع متمنياً العمر الطويل للسيدة فيروز والرحمة لعاصي ومنصور خاتماً كلمته بـ “إنك إذا أردتَ للبناني أن ينسى لبنان فلا تسمح له بسماع فيروز..”.

وانطلقت المسرحية التي تدور احداثها، بذاك الديكور البسيط المزُينة خِيَمه برسوم من تصميم الموهبة الصاعدة كلارا الزين، في قالب اجتماعي سياسي غنائي سلس، حول ماريا (مهى لحود بدور فيروز) وفرقتها بادارة مديرها (انطوان حداد بدور نصري شمس الدين) التي تجوب المناطق والقرى لاحياء حفلات غنائية، وقد صودف مرورها في احدى جولاتها بقرية كانت تتحضر لاجراء الانتخابات النيابية، ولما كان لحضورها وقع محبب على ابناء البلدة خاف منظمو حملة ضاهر(فادي سالم) الانتخابية برئاسة ديب المرجان(ايلي الزين بدور وليام حسواني) ان تسرق منهم وهج الخطاب السياسي فقرروا مضايقتها مرة بمحاولة طردها من البلدة واخرى بمحاولة سرقة ملابسها ومرة ومرة…

ولما لم تفلح مخططات ديب ومن لفّ لفّه بإبعاد الفرقة عن البلدة قرروا محاربتها بسلاحها بإحياء حفل غنائي في مقابل حفلها، لكن بفضل دهاء ودقة مخرجة العمل هيفا (تامو زيدان ) ، تمّ القاء القبض على اللص (رامي غنيمة بدور ايلي شويري) في أثناء إخفائه الثياب ما ادى الى اخفاق العملية برمّتها وقلب مسار اللعبة رأسا على عقب، لا سيما بعد محاولات المخرجة وماريا الناجحة باقناع ديب للانضمام الى الفرقة، بدلًا من ان يدير حملة مرشح فاحت من خطاباته رائحة الكذب والرياء ليصبح هو المرشح الذي بامكانه ان يلعب الشخصية التي يحب ودون ان يتسبب بأذية أو ضرر لاي احد.

شخصيات غابت واخرى باتت بحكم الزمن الجميل عادت الينا من خلال مواهب مغتربة استطاعت على الرغم من الشح المادي والميزانية المطلوبة لانجاح اي عمل مسرحي من ديكور واضاءة ومؤثرات، ان تعود بنا بالزمن الى الوراء حيث الاصالة الفنية والمعنى الحقيقي للحياة المجسّدة بلحن او مشهد تمثيلي يحاكي يومياتنا واحلامنا، فكانت “ناس من ورق” هي الحلم والواقع، وهي الشخصيات التي ادخلت الفرح الى القلوب على الرغم من لوعة الاشتياق لزمن كان الفن اللبناني فيه، وتحديداً الرحباني منه، في طليعة الفنون العالمية، وليس بخفي ان قلنا ان الفريق برمته ابدع في ما قدم،نسّوم الحشرية (الكسندرا نهرا بدور هدى) والتي تميزت بخفة دم وحركة مسرحية لفتت اليها الانتباه ، نفنافة  (ليديا رحمة)، المهرّجة (ماري الزين بدور جورجيت صايغ)، عنتر (ايلي مسعد بدور صلاح تيزاني) الذي خطف الانظار بخفة دمه وديناميكيته وحرفيته في اداء الدور المطلوب منه مع اضافات خاصة استحق عليها الثناء وغيرهم ممن اطلوا علينا في تلك الليلة بفرح معيدين ماض لطالما نعيش الحنين الى ربوعه.

فرقة الدبكة بكل عناصرها اللبنانية والارمنية نالت استحساناً كبيراً بما قدمت هي التي تميز اعضاؤها بغالبيتهم بنشأتهم وترعرهم في كندا ولما تزل علاقتهم بأرضهم الأم من خلال الرقص والموسيقى بأفضل حالاتها.

استطاع الرحابنة من خلال مسرحهم ان ينقلوا لنا الصراعات السياسية والاجتماعية مع ما يرافقها من تخطيط ودراسات بقالب فني عريق فكانوا من أبرع مدوني الحقبات التاريخية باسلوبهم الشائق المليء بالجرأة والحقيقة، وما مسرحية “ناس من ورق” التي اعادتها المخرجة ماري تريز سلهب الى الحياة في كندا الا تلخيصاً سريعاً لأرض الواقع اللبناني المتوارث من جيل الى جيل باسماء وشخصيات متنوعة.             ( عن موقع الكلمة نيوز)