عادل حبيب - مونتريال
منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران و تحقق وعد الرسل بنمو بذرة الدولة الممهدة للظهور للامام المهدي عليه السلام،و العالم الغربي يجتهد في محاربة الدولة الوليدة بعد اطلاعه على خطورة نهجها التحرري و مبدئية الشعارات التي ترفعها، بحيث تنوء الجبال عن حملها . لم يترك الغرب بأمه و أبيه و ليس فقط امريكا ، وسيلة ً لم يجربها . لم يترك اختراعا دموياً الا و انزله ساحة الصراع ،من طالبان و قبلها القاعدة الى صدام "حامي حمى العروبة" الى الذين باعوا دينهم بوعد اوباما بوراثة عجائز الانظمة العربية ،الى نهاية المطاف بخلع قفازات الحرية و الديموقراطية و حقوق الانسان و تجربة الوجه البشع لامريكا من دون تلك المساحيق الخادعة. ترامب كان نموذج تلك المرحلة الاخيرة من الاستهداف المركز لدولة الاسلام...ماذا كانت النتيجة؟ جاءنا وريث نهج اوباما ،العودة مجددا الى حفلة التنكر ذاتها،ايها العالم لقد عدنا، قالها بايدن بكل ثقة،عاد الى اين؟هل اجرت الامبراطورية المتهالكة مراجعة لاهدافها؟ هل ثبت بالملموس عقم عقيدة السلب والنهب المموه بغطاء الديموقراطية و حقوق الانسان؟ لا يبدو ان هناك مراجعة ولا من يحزنون ..عاد الرجل-النهج لاستعادة الدور المعطوب جراء ازالة القناع عن الوجه الامريكي البشع عبر تجربة ترامب، استعادة غطاء الوجه لاستعادة الدور الضائع هو الهدف...ولذلك كامل عدة النصب و الاحتيال و الخبائث الانسانية كلها ستستعاد و بدموية ابشع من الماضي...
كيف ستترجم خطوات استعادة الدور المعطوب؟ من بوابة استعادة اجواء الحرب الباردة مع روسيا و الصين والادعاء بجاهزية انهاء الحرب على اليمن ، و التودد لايران حول برنامجها النووي ، ومقاربة مشتركة مع فرنسا للازمة اللبنانية ، اعادة تفعيل اتفاقات دولية دفاعية و مناخية ، العودة الى التحالفات المتينة مع اوروبا . هذه كلها ملامح لخطة استعادة الدور و تأمين الجناح الخارجي للادارة الجديدة و التفرغ للشأن الداخلي المأزوم، الذي ضرب عميقا في جذور الامبراطورية التي اصابها العفن ...
لقد كان لافتا سرعة بايدن في استعداء الروس و الصينيين .لا يريد خوض حروب عسكرية مباشرة و لكن احتواء للنفوذ لاعادة تركيب مداميك الهيمنة الامريكية ،العودة لاتفاقية ستارت نموذجا. العودة لميزان تجاري معقول مع الصين هو هدف، والادوات متعددة ليس آخرها العودة لاتفاق المناخ لضبط استهلاك الوقود بما يؤدي لتحجيم النمو الاقتصادي...
في الصراع مع محور المقاومة ، تفيد التجارب مع عدوانية امريكا ان لا ثقة مطلقا باية ادارة امريكية بعيدا عن الخطوات الملموسة . مثلا،اعلن بايدن انهاء الدعم الامريكي للعدوان السعودي على الشعب اليمني ، في السابع من شهر شباط الجاري. صفعة يمنية مدوية على وجه الجيش السعودي في مأرب . الامريكي امام خيارين احلاهما مرّ. اما مد يد المساعدة و اما السكوت ، و في كلتا الحالتين هو خاسر. الضرب المتواصل لقوافل الدعم اللوجستي في العراق مستمر على نفس الوتيرة منذ ما قبل رحيل ترامب، ضمور النفوذ الامريكي المجاور لايران هو هدف للتنفيذ بمعزل عن هوية الادارة و اقنعتها التي تتستر بها،الاشتباك في سورية سيلتهب ربطا بالاستعداد الروسي لضمان ما تحقق من وجود اشبه بالحلم على شواطئ المتوسط،اما في لبنان فلا يوجد مصلحة امريكية باستكمال مشروع الضغط القاسي الذي مارسه ترامب لانه ببساطة قد الحق الضرر بادوات امريكا و شتت قواهم و خلخل قواعد ارتكازهم عند جمهورهم....
على ضوء هذه العجالة فان المشهد العام مفتوح على تعزيز اوراق القوة لمحور المقاومة مع تقدم ميداني في سورية و العراق ، مع بروز معالم تسوية مرحلية في لبنان تواكب التراجع الامريكي. اما في ايران فان الحذر هو سيد الموقف و عنوانه قول الامير علي عليه السلام :ان العدو قارب ليتغفل ،فخذ بالحزم...وها هي ايران في عشرة الفجر التي شهدت ولادة دولة نهج الامير عليه السلام،و من احق بها بالحزم في وجه شياطين الارض اجمعين ... و السلام