ماكرون وبريجيت والحريات

  • article

د. علي ضاهر

يقال ان حرية التعبير والرأي والإعتقاد وغيرها من الحريات، مكاسب لم تتوصّل اليها البشرية الا بشقّ النفس. ويقال ان هذه الحريات أصبحت ضرورة لا تستقيم بدونها المجتمعات المتنوعة فكريا ولا فلاح للمجتمعات المتعدّدة الأديان إن لم تكن موجودة فيها وفعًالة.

  لكن، وهنا يتدخل حرف العطف هذا، ليدفع الى الإستدراك بأن الحرية مفهوم جامد لا يتحرك انما يحركه الانسان. فالحرية ليست كيانا مستقلا او بنية قائمة بنفسها تعمل بين الناس دون وجود من يفسّرها ويحميها ويطبقها بالإقناع هنا او بالإلزام هناك، مما يعطي للعامل البشري دورا مهمّا في سير عمل الحريات، فيحول المجتمع عن طريقها اما الى حديقة او صحراء خانقة واما ان تصبح الحريات كلمة على الورق يدحضها الواقع المعاش.

 حتى تصبح الحريات محترمة يجب على القَيِّمين عليها الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، لا تتدخّل خلفياتهم الفكرية فتدفعهم الى الإنعطاف صوب لون ولا تجبرهم مصالحهم التقوَّس ناحية عرق ولا يغريهم ايمانهم الإنجذاب الى دين، بإختصارعليهم ان يكونوا عميان لا يفرّقون بين الناس لا عُور ينظرون بالعين السليمة الى هذا وبالمَفْقوءة الى ذاك، مما يطرح التساؤلات التالية: هل بإمكان القيّمين على تطبيق الحريات من رجال قانون وأمن واعمال، في الغرب مثلا، إعطاء نفس الحقوق وذات مساحة التعبير وعدد فرص العمل الموجودة لمحجّبة او لسافرة؟ ألا تؤثر نظرتهم وموقفهم من الحجاب او السفورعلى ذلك؟ ألا يؤثر وزن الاكثرية الشعبية او الانتخابية في بلد ما على كيفية تفسير مفهوم الحرية والقانون والحقوق من قبل رجال السياسة؟ هل تُمكن ثقافة رئيس جمهورية بلد غربي، كالولايات المتحدة مثلا، منح نفس الحريات لكل سكان بلده وهو الذي يعتبر ان المواطن من أصول غير بيضاء حرامي ومروّج مخدرات ومغتصب نساء؟ هل تسمح له مصلحة بلده اومصلحته إعطاء باسيل وسعد ونتانياهو وابن سلمان نفس حرية التصرّف وذات الحركة والتعبير عن الرأي! وهل من الممكن لماكرون، القادم من اوساط تعتبر ان الاسلام دين عنف وتنظر الى المسلمين بإستعلاء ثقافي، ان يعطي للجميع نفس حرية التعبير! وهل يمكن لماكرون، المتأثر بأجواء تروّج الى ان مناقشة المحرقة جريمة وان نقد اسرائيل يقترب من معاداة السامية، ان يفسّر الحريات ويطبّقها بنفس الطريقة على الجميع او ينظر بموضوعية الى كل المواطنين ويسمح لهم قول ما يريدون دون ان يتدخل ليغلق فم هذا بحجة الارهاب ويطلق حنك ذاك تحت زعم الدفاع عن العلمانية واليمقراطية؟

ما دمنا نتكلم عن ماكرون، قال احدهم: من يتأمل مزاج ماكرون ويفكر في خياراته، كإختياره لبريجيت حرمه المصون، لا بدّ له من التشكيك في قدراته على اختيار الانسب لشخصه، فكيف له ان يكون قادرا على اختيار الانسب لمجتمعه!